٣٠ يونيو والهوية المصرية

02 يوليو 2021 م

أصبح يوم 30 يونيو علامة فارقة في تاريخ مصر الحديث، وعنصرًا من عناصر بعث الهوية المصرية وتطورها، وباقة أكسجين أسعفت الأمة المصرية في قهر مسلسل الفوضى؛ بنثر المشاعر الوطنية، وملء قلوب المصريين إيمانًا بمجد ماضيهم، وعراقة حاضرهم، وأمل مستقبلهم.

أصبح يوم 30 يونيو علامة فارقة في تاريخ مصر الحديث، وعنصرًا من عناصر بعث الهوية المصرية وتطورها، وباقة أكسجين أسعفت الأمة المصرية في قهر مسلسل الفوضى؛ بنثر المشاعر الوطنية، وملء قلوب المصريين إيمانًا بمجد ماضيهم، وعراقة حاضرهم، وأمل مستقبلهم.
لقد حظيت ثورة الشعب المصري في 30 يونيو 2013م باهتمام وطني وقومي وعالمي، وفي جوانب شتى وبرؤى مختلفة، لكنها تشترك فيما بينها بأن هذه الثورة "حدث وطني وقومي ضخم" تكاتفت خلاله جموع المصريين، وتوحدت كلمتهم خلف مؤسسات الدولة والمخلصين من أبناء الوطن، لتعلن للجميع أن الأمة المصرية متمسكة بما لديها من جذور عميقة كامنة بالحفاظ على مسيرة الاستقرار والتنمية، مع التدين الصحيح المبني على القيم الأخلاقية والحضارية المستقرة، لا التدين المغشوش أو المصطنع المنحسر في اتجاهات منحرفة عن الصراط المستقيم.
إنها معانٍ واضحة تؤكد على أن مصر بلد آمنة ومستقرة وأن مجموع الشعب المصري سالمٌ من الفتن والاضطرابات، ولا شك أنها مظاهر حقيقية ووقائع منقولة عبر التاريخ تؤكد على منقبة عظيمة، وقد قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم في أهل مصر: «لَا يَزَالُ أَهْلُ الْغَرْبِ ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ، حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ» "صحيح مسلم" (1925)، ومصر تقع في غرب المدينة المنورة بالاتفاق، وروى الصحابي عمرو بن الْحَمِقِ الخزاعي (ت: سنة 50 هـ) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تَكُونُ فِتْنَةٌ، يَكُونُ أَسْلَمُ النَّاسِ فِيهَا، أَوْ قَالَ: خَيْرُ النَّاسِ فِيهَا الْجُنْدَ الْغَرْبِيَّ»، قال ابن الْحَمِقِ: "فلذلك قدمت عليكم مصر" "معجم الطبراني الأوسط" (8740).
نعم، في هذه الثورة واجه المصريون (مسلمون ومسيحيون) هذه التحديات، ووقفوا صفًّا واحدًا تجاه الأخطار والجماعات المهددة للاستقرار والأمن القومي والفكري للأمة المصرية؛ والتي كان من بينها تعمد استهداف وحدة المصريين بهدف بعث قطار الفتنة الطائفية، لكن كان مصيرها دائمًا الفشل والخسران والحمد لله؛ حيث جعل أهلها في رباط الرحمة والمودة والتكاتف والتآلف إلى يوم القيامة، ومن ثَمَّ فمن يسعى لتحقيق الاستقرار والتنمية والمحافظة على مصر ففيه "الخيرية"، ومن يريدها بعدوان أو سوء فهو –بلا شك- يحارب السنة الإلهية ويعارض إرادة النبيين والمصلحين؛ حيث قال تعالى على لسان نبيه يوسف عليه السلام: ﴿وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللهُ آمِنِينَ﴾ [يوسف: 99].
ولذا كانت أحداث هذه الثورة وما تلاها مواقف عملية شاهدة على أن مُصابهم واحد، وألمهم واحد، ودماءهم الزكية التي سُفكت غدرًا وخيانةً واحدة، بل إنها كانت ولا تزال تزيد الأرض قوةً وصلابةً تحت أقدام الأبطال المخلصين من أبناء الشعب والجيش والشرطة في مواصلة الجهاد المقدس ضد المرجفين وأهل البغي والفساد مع مزامنة متكاملة في مواصلة المسيرة نحو البناء والتنمية.
لا ريب أن هذه المعاني ليست بجديدة على الإنسان المصري ومعدنه الأصيل الذي يزداد بريقًا في عصيب الأوقات وشديد الحالات.
إن الاحتفال بهذه الذكرى الثامنة لثورة الثلاثين من يونيو لا يتوقف على استدعاء ذكريات المجد وقصص البطولة لأبطال القوات المسلحة والشرطة والشعب فقط؛ بل لا بد أن نستلهم منها ومن مواقفها دروسًا ملهمة تغرس فينا قيم الولاء وصدق الانتماء وحب هذا الوطن المبارك، وتجدد في نفوسنا ضرورة التمسك بمؤسسات الدولة الوطنية والإيمان بأهمية دورها الأصيل لأجل رفعة وعزة مصرنا المحروسة، من أجل تحقيق أهداف خطة القيادة المصرية الطموحة للتنمية المستدامة التي ستجعل من مصر "دولة العلم وبناء الإنسان" مع تنمية هذه الأرض المباركة وتعمير ربوعها ومختلف نواحيها على كافة الأصعدة والمجالات.
فتحية خالصة في هذه الذكرى الثامنة للسيد الرئيس عبد الفتاح السيسي -رئيس الجمهورية-وللشعب المصري العظيم، وأدعو جموع الشعب المصري إلى المحافظة على سريان روح ثورتهم العظيمة، بالإصرار والعمل والإنتاج؛ من أجل رفعة وطننا العظيم في جميع المجالات، لتحقيق التنمية والاستقرار في مختلف ربوع وطننا الغالي (مصر).

****
الجمعة 21 ذي القعدة 1442هــ الموافق 2 يوليو 2021م.
 

 

اقرأ أيضا