المؤتمر السادس لدار الإفتاء المصرية "نحو مؤسسات إفتائية رقمية"

30 يوليو 2021 م

تعيش الأجيال المعاصرة في ظل التطوُّر التكنولوجي الهائل والسريع مرحلة جديدة؛ حيث تعددية الاتصال والثورة الرقمية التي توغلت في جميع المجالات، واندمجت فيها مختلف التخصصات.

تعيش الأجيال المعاصرة في ظل التطوُّر التكنولوجي الهائل والسريع مرحلة جديدة؛ حيث تعددية الاتصال والثورة الرقمية التي توغلت في جميع المجالات، واندمجت فيها مختلف التخصصات.
وقد أصبح هذا التطور أمرًا جوهريًّا في مسيرة نجاح المؤسسات الإفتائية التي تعتمد وبدرجة كبيرة على قدرتها وعزمها على تبني عملية الرقمنة وتطويرها؛ لتقوم من خلالها بأداء مهامها في إرشاد الأمة وتوعية أفرادها بالأحكام الشرعيَّة، خاصة أن المعلومات بأبعادها الثلاثة (النصي والصوتي والمرئي) بات التعبير عنها عبر الوسائل الرقمية المتنوعة أسبق من الكلمة المكتوبة والمطبوعة.
ويضاف إلى ذلك أن التطوُّر الرقمي أسهم وبصورة مباشرة في طرح أنماط جديدة على ساحة الخطاب الديني والبحث الفقهي، متزامنة مع انتشار للتيارات المتشددة والإرهابية عبر هذا الفضاء الواسع وأفكارهم الهدامة، مما يستوجب على المؤسسات الإفتائية أن تدخل وبقوة هذا المجال بفرصه الواعدة؛ لأن هذه المؤسسات الراسخة تنتهج منهجًا منفتحًا على العالمين، تنطلق فيه من مقصد شرعي أصيل يستمد من قول الله تعالى في حق رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: 107]، فضلًا عن شعور علمائها والقائمين على شئونها بأن الأمانة تفرض عليهم المساهمة بفاعلية في نشر المعرفة الصحيحة، وبناء الوطن، ونهضة الأمة، وإسعاد الإنسانية.
نعم، إن لدار الإفتاء المصرية تجربة فريدة وسابقة في الدخول بقوة إلى هذا المجال الحيوي؛ وهي تنطلق في ذلك من خلال رؤية استراتيجية متكاملة شملت ميكنة العمل فيها وتعزيز وتطوير خدمات دار الإفتاء الشرعيَّة، التي تقدمها للمسلمين في جميع أنحاء العالم، ومن ورائها منهجية شرعية علمية رصينة، مع رؤية متناسقة ومنسجمة للإنسان والكون والحياة.
وفي إطار هذه الجهود المستمرة من الاستفادة بالتطوُّر التكنولوجي يأتي المؤتمر العالمي السادس للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم الذي سيعقد يومي ٢-٣ أغسطس القادم تحت شعار "نحو مؤسسات إفتائية رقمية" من أجل مناقشة التحديات أمام إدخال المؤسسات الإفتائية في العصر الرقمي، وبحث معوقات تطبيق الرقمنة داخلها مع بيان كيفية الاستفادة بالتقنيات الحديثة في إقامة جسور التعاون بين هذه المؤسسات.
وهو خطوة جادة للأمانة العامة تُعَدُّ مبادرة حقيقية للدلالة العمليَّة على أن الرقمنة تمثل الحاضر والمستقبل باعتبارها عنصرًا ناجحًا في عملية تأسيس المؤسسات الإفتائية وتحديث نظام العمل بها بصورة منضبطة من خلال محورين يساعدان على تحقيق رسالة المؤتمر، وهي: الإفتاء الجماعي ومؤسساته الواقع والمأمول. وتفعيل التطور الرقمي في مؤسسات الفتوى؛ لمواجهة الجوائح وعبور الأزمات.
وتتحقق هذه الرسائل والأهداف من خلال الأبحاث العلمية الرصينة التي تناولت محاور المؤتمر مع عقد عدد من ورش عمل متخصصة تناقش: كيفية اقتحام الفتوى لميدان العصر الرقمي، وتدريب المفتين عن بُعد للتأهيل الإفتائي باستخدام التقنية الرقمية، كما سيتم الإعلان عن "وثيقة التعاون والتكامل الإفتائي"، والإعلان عن مبادرة برنامج سلام الإلكتروني لمكافحة التطرف، وتسليم جائزة الإمام القرافي للتميز الإفتائي، وعرض محرك البحث الإلكتروني للمؤشر العالمي للفتوى، مع إطلاق التطبيق الإلكتروني العالمي للفتاوى (Fatwa Pro).
كما نهدف من هذا المؤتمر إلى تحقيق جملة من الأهداف، التي من أهمها: التأكيد على أن : فرص الرقمنة في مصر واعدة، والاستفادة من تجارب المؤسسات الإفتائية؛ كـ"دار الإفتاء المصرية" في عملية الرقمنة وكيفية إفادتها من التطور التكنولوجي الحديث في الفتوى وإدارة العملية الإفتائية داخلها من أجل توضيح متطلبات تطوير المؤسسات الإفتائية تقنيًّا لإدخالها في عصر الرقمنة، مع تصور دقيق لما يُعيق التعاون والتكامل بين مؤسسات الإفتاء بما يشمل من : المظاهر، والأسباب، وطرق الحل.
وهذه مناسبة طيبة وفرصة سانحة أدعو من خلالها جميع المعنيين بهذا الأمر من المؤسسات والهيئات والأفراد محليًّا وعالميًّا إلى التكاتف مع دار الإفتاء والمشاركة الإيجابية لإنجاح جهود هذا المؤتمر المهم وتحقيق الثمرة المرجوة منه في سبيل رفعة هذه الأمة وتحقيق عزها.
عاشت مصر قوية أبية رائدة.

****
الجمعة 20 ذي الحجة 1442هــ الموافق 30 يوليو 2021م.
 

 

اقرأ أيضا